الأحد، 7 أغسطس 2016

هل لقب أم المؤمنين تشريف لعائشة ام لا ؟

                                                          بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد واله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين الى قيام يوم الدين امين
احباب عائشة يحتجون باية ( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ..) الاحزاب اية 6
فيزعمون ان هذه الاية اذ سمت ازواج النبي صلى الله عليه واله بالامهات فانها اوجبت علينا احترامهن كما نحترم امهاتنا فلا يصح جرح او نقد الواحدة منهن ناهيك عن نسبة النفاق والكفر اليها اذ كيف تكون من جعلها الله تعالى أما للمؤمنين منافقة ؟ ! فانه اذا كان المؤمنون ابنائها فهي مؤمنة من باب اولى ؟
الجواب : هذا الحجة غير تامة لانهم اهملوا ما ينبغي ملاحظته من الايات الاخرى المفصلة لما اجمل في هذه الاية وهذا الاهمال ان كان عن عمد فصاحبه مستحق للخزي في الدنيا والعذاب في الاخرة وذلك قوله تعالى ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) البقرة اية 85
ولمعرفة مفاد قوله تعالى ( وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) ينبغي الرجوع الى سائر الايات اذ الاية باجمالها تحتمل اكثر من معنى انشائي واخباري بالنسبة لنا فلما رجعنا في الانشائي وجدنا قوله تعالى ( مَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا ) الاحزاب : 53
فعلمنا ان في مراد من تسمية ازواج النبي صلى الله عليه واله بامهات المؤمنين هو انشاء حرمة نكاحهن بعده كحرمة ان ينكح المرء امه , ولما رجعنا في الاخباري وجدنا قوله تعالى ( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ..) الاحزاب : 32
فعلمنا ان في المراد من تسميتهن بامهات المؤمنين هو الاخبار عن انهن حصلن شرفا لم ينله غيرهن من النساء لمكان رسول الله منهن وهذا يستتبع على المؤمن احترامهن غير ان الاية نصت على ان اصل شرفهن وعلو منزلتهن لا يتحقق الا بشرط التقوى وهو قوله تعالى ( إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) فالتي تكون منهن فاقدة لصفة التقوى فانها لا تحوز في الاعتبار الاسلامي شرفا ولا فضيلة بل هي وسائر النساء سواء فلا يستتبع على المؤمن احترامها.
وبعبارة اخرى ان مجرد انضمام احداهن الى نساء النبي لا يستدعي تشريفا لها ولا تفضيلا على سائر النساء فانها تبقى كغيرها الا اذا التزمت التقوى فغدت صفة لها قوله تعالى ( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ..) ستن كاحد من النساء متى ؟ وكيف ؟ ان اتقيتن فساعتئذ ينزلها الاعتبار الاسلامي منزلة الام ويوجب على المسلمين احترامها وذكرها بخير.
وبهذا البيان ظهر بطلان قول محب عائشة الذي خلط بين المعنيين الانشائي والاخباري في قوله تعالى ( وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) واهمل الرجوع الى سائر الايات للتمييز بينهما والوقوف على شرط الاخباري منهما فكان ما رتبه من نتائج خاطئا فانه لم يرد اثبات المعنى الانشائي وهو تحريم نكاح الازواج بل اراد اثبات المعنى الاخباري وهو ان الله تعالى منحهن منزلة عظيمة اذ سماهن امهات ثم فرع على ذلك وجوب الاعتقاد بايمانهن ووجوب تعظيمهن وهذا التفريع باطل على اطلاقه لان المعنى الاخباري شرطا لا يتحقق بدونه وهو التقوى على ما قررته الاية الاخرى ومن ههنا ينبغي البحث في سيرة كل زوجة من زوجات النبي صلى الله عليه واله على حدة فان وجدت التقوى متشخصة فيها كان التفريع صحيحا فيعتقد بايمانها ويصار الى تعظيمها وان لم تكن التقوى متشخصة فيها كان التفريع باطلا فلا يعتقد بايمانها ولا يصار الى تعظيمها.
على انه بالامكان دعوى أن قوله تعالى ( وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) لم يرد الا في مقام بيان المعنى الانشائي التشريعي وانه لا معنى اخباريا فيه وليس بتسمية الواحدة منهن اما للمؤمنين ما يوجب عليهم تعظيمها كأن يخاطبها المخاطب او يصفها بام المؤمنين بقصد تعظيمها نعم هي تخاطب وتوصف بهذا بقصد بيان انها محرمة على الرجال بعد رسول الله ليس الا.
وهذه الدعوى انما ظهرت في الواقع من عائشة نفسها ! فقد روى ابن سعد والبيهقي والقرطبي وغيرهم عن الشعبي عن عائشة ( أن امراة قالت لها : يا امه فقالت لها : لست لك بام , انما انا ام رجالكم ) طبقات ابن سعد ج8 ص 64 وسنن البيهقي ج 7 ص 70 وتفسير القرطبي ج 14 ص 123 واسناده صحيح.
ومفاد حديث عائشة هذا ان لقب ام المؤمنين لا يقال تعظيما وتشريفا فان المراة التي ارادت ان تعظمها بمخاطبتها اياها بالامومة الا ان عائشة بينت انها ليست لها بام ولا لغيرها من النساء بل هي ام الرجال فحسب بمعنى انه يحرم عليهم نكاحها اي ان عائشة كانت ترى لقب ام المؤمنين في قوله تعالى ( وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) يقتصر على بيان جهة انشاء الحرمة ولا يوجب على المؤمنين تعظيمها والا لما منعت المراة من مخاطبتها به اذ لا فرق بين ان يكون المخاطب رجلا او امراة لاشتراكهما في وجوب التعظيم ان كان واردا.
وايا يكن يتقرر من فحوى كلام عائشة ان نيل لقب ام المؤمنين بمجرده لا يوجب تعظيما وليس بعاصم صاحبته من النقد والجرح والا لو كان كذلك لما وجدنا احدا يجرح عائشة بكلمة وهذا تاريخ المسلمين يشهد على تعدد موارد الطعن والنكير على عائشة من اكابر المؤمنين منذ الصدر الاول من الاسلام حتى ان بعضهم تناولها بالسباب على رؤوس الاشهاد تاكيدا لسقوط حرمتها ومن هؤلاء الشهيد حكيم بن جبلة العبدي رضوان الله عليه - وحكيم بن جبلة احد اجلاء المؤمنين وعبادهم وابطالهم كان قد ادرك النبي صلى الله عليه واله واسلم على يديه مع وفد اهل البحرين الذين كانوا اصلا يرفضون عبادة الاصنام ثم هاجر مع قومه الى البصرة في عهد عمر وهو الذي فتح السند في عهد عثمان وكان من اصحاب الثفنات اي المشهورين بكثرة السجود والعبادة ترجمه ابن الاثير في أسد الغابة ج2 ص 40 بقوله ( كان رجلا صالحا له دين مطاعا في قومه وهو الذي بعثه عثمان على السند فنزلها ) وترجمه الزركلي في الاعلام ج 2 ص 269 بقوله ( حكيم بن جبلة العبدي من بني عبد القيس صحابي كان شريفا مطاعا من اشجع الناس ولاه عثمان امرة السند ) وكان في الفتنة التي احدثتها عائشة وطلحة والزبير فحاول صد اعتداء عائشة وشيعتها على المؤمنين في البصرة واحتجازهم غدرا لواليها عثمان بن حنيف رضوان الله عليه وتعذيبهم اياه وقتلهم السبابجة حراس بيت المال واستيلاهم عليه ومنعهم اهل البصرة من ارزاقهم فثار المعتدين وقاتلهم حتى قتل شهيدا مظلوما في يوم الجمل الاصغر وسنذكر ذلك في بحث معركة الجمل.
انتفض حكيم دفاعا عن الاسلام والمسلمين ضد عائشة حين جاءت الى البصرة وافتت بقتل واليها عثمان بن حنيف وحراس بيت المال ومن اليهم من المؤمنين فهب حكيم وجمع سبعمئة فارس ليأد فتنة عائشة في مهدها وفي هذا روى الطبري ( واقبل حكيم ابن جبلة وقد خرج وهو على الخيل فانشب القتال واشرع اصحاب عائشة رضي الله عنها رماحهم (..) وغدا حكيم بن جبلة وهو يبربر وفي يده الرمح فقال له رجل من عبد القيس : من هذا الذي تسب وتقول له ما اسمع ؟ قال : عائشة ! قال : يابن الخبيثة أ لام المؤمنين تقول هذا ؟ فوضع حكيم السنان بين ثدييه فقتله ثم مر بامراة وهو يسبها - يعني عائشة - فقالت : من هذا الذي ألجأك الى هذا ؟ قال : عائشة ! قالت : يابن الخبيثة أ لام المؤمنين تقول هذا ؟ فطعنها بين ثدييها فقتلها ) تاريخ الطبري ج 3 ص 483 والكامل في التاريخ لابن الاثير ج 3 ص 215
وحكيم هذا ممن يثني عليه المخالفون دينا وورعا فلا يتصور انه يستبيح سب عائشة لو كان محرما بدعوى اعتصامها بوصف ام المؤمنين , وانه لم يسب عائشة الا بعد أن ألجأته الى ذلك كما صرح حينما غدرت بابن حنيف وافتت بقتله وقتل حراس بيت المال على ما ذكره ابن الاثير في الكامل ج 3 ص 216 ومثل عائشة تستحق السب والذم ولا تكون لها حرمة في الاسلام.
اما الرجل والمراة فقد شتما ام حكيم بقولهما ( يابن الخبيثة ) ! وهذا تعد على والدة الرجل التي ليس لها دخل بالنزاع اصلا فعلى أي اساس يقحمانها فيه ويسبانها ؟
 كيف تكون من جعلها الله تعالى أما للمؤمنين منافقة؟ فانه اذا كان المؤمنون أبنائها فهي مؤمنة من باب اولى.
الجواب : تبين ان تسمية إحداهن (أم المؤمنين) لا يلزم الحكم بإيمانها بدوا بل لابد من احراز تقواها للحكم بذلك لقوله تعالى (إن اتقيتن) ومفهومه احتمال أن تكون إحداهن فاقدة لصفة التقوى , والفاقدة لها ليست بمؤمنة اجماعا.
ثم إن النبي صلى الله عليه واله قد نفى إيمان عائشة تحديدا وذلك ردا على أبيها حين جزم بكونها مؤمنة لا تحلف على باطل , فقد روى الطبراني وعبد بن حميد عن كثير بن مرة الحضرمي عن عائشة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها مع أبي بكر فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة أطعمينا. فقالت: والله ماعندنا طعام. فقال: أطعمينا. فقالت: والله ماعندنا طعام. فقال: أطعمينا. فقالت: والله ماعندنا طعام. فقال أبو بكر: يارسول الله إن المرأة المؤمنة لا تحلف على الشيء أنه ليس عندها وهو عندها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك أمؤمنة هي أم لا؟! إن مثل المرأة المؤمنة في النساء كمثل الغراب الأعصم من الغربان, وإن النار خلقت من السفهاء, وإن النساء من السفهاء إلا صاحبة القسط والمصباح ) مسند الشاميين للطبراني ج 4 ص 91 ومسند عبد بن حميد ج 4 ص 155 والمطالب العالية لابن حجر العسقلاني ج 5 ص 106 , وسند الطبراني صحيح وأما سند عبد بن حميد فقد ضعف فيه إبراهيم بن الأشعث لكن هذا قول البوصيري في الإتحاف وإلا فقد نص غير واحد على أنه ثقة.
وهذا الحديث الشريف يكذب كل ماوضع من احاديث تنص على إيمان عائشة وأنها موعودة بالجنة وما الى ذلك , إذ النبي صلى الله عليه واله ههنا ينفي الجزم بكونها مؤمنة بعدما كذبها في قسمها بانه ليس في البيت طعام بتكرار هذا الطلب ثلاث مرات , ومعلوم أن هذا التكرار منه صلى الله عليه واله ليس له وجه سوى علمه بأن في البيت طعام غير أن عائشة تدعي خلاف ذلك , وقد اقسمت ثلاث مرات ايضا , وههنا جاء تدخل ابيها الذي استغرب موقف النبي صلى الله عليه واله فدافع عن ابنته بزعم أنها مؤمنة ولا تحلف على الكذب غير أن النبي صلى الله عليه واله جبهه بقوله: (وما يدريك أمؤمنة هي أم لا)؟!
وعليه فلا يمكن لأحد أن يدعي الملازمة بين التسمية بأم المؤمنين تنزيلا لامراة النبي صلى الله عليه واله منزلة الأم في حرمة نكاحها من قبل المؤمنين بعده وبين أن تكون مؤمنة واقعا, لاسيما بالنسبة لعائشة التي نفى النبي صلى الله عليه واله عنها الإيمان ونهر أباها لجزمه بذلك.
ولو أن رجلا قال لامراته: (أنت علي كظهر أمي) لحرمت عليه شرعا لانه انزلها منزلة أمه, وقوله تعالى: (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) يجري هذا المجرى غير أنه تنزيل إلهي, وهو أجنبي عن إثبات كونهن جميعا مؤمنات واقعا , فيرجع للاصل وهو تقييم كل منهن على حدة للحكم بإيمانها من عدمه.
ولا بد هنا أن نشير الى إنه قد صح عن النبي صلى الله عليه واله وعترته الطاهرة عليهم السلام الحكم بانفساخ عصمة عائشة من النبي وبينونتها منه وإباحة الازواج لها وسلب شرف أمومة المؤمنين منها, وذلك لمخالفتها شرط (إِنِ اتَّقَيْتُنَّ) وشرط (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) وعصيانها عهد رسول الله صلى الله عليه واله حين خرجت على خليفته من بعده أمير المؤمنين عليه السلام فأحدثت الفتنة بين المسلمين, فإن النبي صلى الله عليه واله كان قد أوكل إلى اخيه علي عليه السلام أمر تطليق من تخرج عليه من نسائه من بعده , وهذا التطليق حكم خاص هو من جملة مختصات النبوة , وبإيقاعه تبين المرأة من النبي فلا تكون معدودة ضمن أمهات المؤمنين وذلك كما هو حال اللاتي طلقهن النبي في حياته إذ هن جميعا خارجات عن هذا الوصف والمقام وما يلحقهما من آثار.
ونذكر هنا بعض الروايات من طرق المخالفين وطرقنا في هذا المعنى منه : مارواه ابن أعثم الكوفي أن عائشة لما تثاقلت عن الرحيل بعث أمير المؤمنين عليه السلام ابنه الحسن عليه السلام إليها فقال لها: ( يقول لك امير المؤمنين: أما والله والذي خلق الحبة وبرأ النسمة لئن لم ترحلي الساعة لأبعثن عليك بما تعلمين! قال: وعائشة في وقتها قد ضفرت قرنها الأيمن وهي تريد أن تضفر قرنها الأيسر, فلما قال لها الحسن ما قال وثبت من ساعتها وقالت: رحلوني! فقالت لها امرأة من المهالبة: يا أم المؤمنين جاءك عبد الله بن عباس فسمعناك وأنت تجاوبيه حتى علا صوتك ثم خرج من عندك وهو مغضب, ثم جاءك الآن هذا الغلام برسالة أبيه فأقلقك وقد كان أبوه جاءك فلم نر منك هذا القلق والجزع! فقالت عائشة: إنما أقلقني لأنه ابن بنت رسول الله فمن أحب أن ينظر الى رسول الله فلينظر إلى هذا الغلام, وبعد فقد بعث إلي أبوه بما قد علمت ولابد من الرحيل. فقالت لها المرأة: سألتك بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم إلا اخبرتني بماذا بعث اليك علي رضي الله عنه؟! فقالت عائشة رضي الله عنها: ويحك! إن رسول الله أصاب من مغازيه نفلا فجعل يقسم ذلك في اصحابه, فسألناه أن يعطينا منه شيئا وألححنا عليه ذلك, فلامنا علي وقال: حسبكن! أضجرتن رسول الله! فتهجمناه وأغلظنا له في القول. فقال: عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبدِلَهُ أَزوَاجًا خَيرًا مِّنكُنَّ! فأغلظنا له أيضا في القول وتهجمناه, فغضب النبي من ذلك وما استقبلنا به عليا, فأقبل عليه ثم قال: يا علي إني قد جعلت طلاقهن إليك فمن طلقتها منهن فهي بائنة. ولم يوقت النبي في ذلك وقتا في حياة ولا موت, فهي تلك الكلمة وأخاف أن أبين من رسول الله صلى الله عليه وسلم )
الفتح لابن أعثم الكوفي ج 2 ص 484 ( وبعض المخالفين يرمونه بالتشيع وهي تهمة تبعث على السخرية إذ إن كتابه الفتوح طافح بالثناء على ابي بكر وعمر وعثمان بل وبني امية فكيف يجتمع التشيع مع هذا؟! بلى انهم اتهموه لا لشيء
سوى انه كان منصفا الى حد ما في نقل هذه الاخبار والحوادث التاريخية فلم يحجب منها ما لا يوافق مذهبه البكري! ).
ومن طرقنا مايشبهه مارواه أبو حنيفة النعمان المغربي بإسناده عن سالم بن أبي جعد قال:
( بعث علي عليه السلام إلى عائشة بعد أن انقضى أمر الجمل وهي بالبصرة أن ارجعي إلى بيتك, فأبت, ثم أرسل إليها ثانية, فأبت, ثم أرسل اليها ثالثة: لترجعن أو لأتكلم بكلمة يبرأ الله بها منك ورسوله. فقالت: أرحلوني أرحلوني! فقالت لها امرأة ممن كان عندها من النساء: يا أم المؤمنين ما هذا الذي ذعرك من وعيد علي إياك؟ قالت: إن النبي استخلفه على أهله وجعله طلاق نسائه بيده ) شرح الأخبار لأبي حنيفة النعمان القاضي المغربي ج1 ص211 , وروى شبهه بزيادة عن ابن عباس.
وللتحقق من حقيقة هل علي عليه السلام طلق عائشة ام لا؟ نرجع الى روايات اهل بيت النبي صلى الله عليه واله منها : ماروي عن الباقر عليه السلام أنه قال: ( لما كان يوم الجمل وقد رشق هودج عائشة بالنبل قال أمير المؤمنين عليه السلام: والله ما أراني إلا مطلقها, فأنشد الله رجلا سمع من رسول الله صلى الله عليه واله يقول: يا علي أمر نسائي بيدك من بعدي لما قام فشهد. قال: فقام ثلاثة عشر رجلا فيهم بدريّان فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه واله يقول لعلي بن أبي طالب عليهما السلام: يا علي أمر نسائي بيدك من بعدي. قال: فبكت عائشة عند ذلك حتى سمعوا بكاءها...)
الاحتجاج للطبرسي ج1 ص24 .
وهذه الاحاديث التي نص على أن لأمير المؤمنين عليه السلام ولاية على نساء النبي صلى الله عليه واله من بعده تتوائم مع نص حديث الإنذار يوم الدار الذي رواه المخالفون وفيه أن النبي صلى الله عليه واله جعله خليفة له على اهله, فقد اخرج احمد ابن حنبل وغيره أنه:
( لما نزلت هذه الآية: وأنذر عشيرتك الأقربين جمع النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته, فاجتمع ثلاثون فأكلوا وشربوا, فقال لهم: من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون
معي في الجنة ويكون خليفتي في أهلي - الى أن قال - فعرض ذلك على أهل بيته فقال علي رضي الله عنه: أنا ) مسند احمد ج1 ص111 وفي لفظ رواية الطبري: ( أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه, فأخذ برقبتي ثم قال: إن هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ) تاريخ الطبري ج2 ص62 .
فان مفاد هذه الاحاديث هو أن لعلي عليه السلام وكالة خاصة من رسول الله صلى الله عليه واله له بمقتضاها تطليق من تعصي الله ورسوله وتخرج عليه من نساء النبي وتجريدها من لقب أم المؤمنين, وهذه الوكالة لا تنفسخ بعد مضي النبي لانها بالأصل وكالة خاصة جعل مبدأ نفاذها من صاحب الشريعة بعد مضيه واستشهاده, فلا تكون كسائر الوكالات.
وإذ إن عائشة قد خرجت بالفعل على أمير المؤمنين عليه السلام وسارت الى البصرة عاصية لله ولرسوله صلى الله عليه واله موقعة المجازر في حق المسلمين فإنها بمقتضى ذلك الحديث تكون قد بانت من النبي صلى الله عليه واله وجردت نفسها من لقب أم المؤمنين وأسقطت حرمتها في الإسلام.
هدى الله جميع المسلمين لطريق الحق ورزقهم اتباعه.

شارك

أدعم هذهِ المشاركة بنشرها وأرسالها عبر التالي:

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 

موقع المحسن الشهيد من 2016; ™ لخدمة محمد وآلِ محمد عليهم السلام وفضح اعدائهم.